الجاهل بقلم الاستاذ مرشد سعيد الاحمد

قصة قصيرة
بقلم : مرشد سعيد الاحمد
          ____________ الجاهل __________
 في لقاء ضم مجموعة من المدرسين في مكتبة دائرة الثقافة في تل ألمگأصيص بمناسبة تقاعد أحد مدرسي اللغة العربية حيث دارت أحاديث الذكريات من أيام الطفولة حتى التخرج من الجامعة
 وقد لفت انتباه الحضور صمت أمين المكتبة وعدم مشاركته بأي حديث من الأحاديث التي جرت في هذه الجلسة فسأله أحد الحضور عن سر هذا الصمت فأجاب قائلا : إني أفكر في حال هذه الأمة التي علمت الناس الأبجدية كيف تحولت إلى أمة مستهلكة كارهة للعلم والقراءة والثقافة . وهذا الكلام أدى إلى مناقشات حادة بين الحضور بدأها الأستاذ ابوقحطان قائلا :
 الابتعاد عن القراءة وعن حب العلم اعتقد بحسب رأيي له سببين لا ثالث لهما الأول هو الثراء الفاحش لشريحة من هذه الأمة دفعت بأفرادها إلى الانغماس في اللهو والسياحة وعدم التفكير إلا بإشباع رغباتهم المختلفة .
 أما الثاني فهو الفقر والعوز والحاجة إلى لقمة العيش التي تشل العقل البشري وتجعل همه الوحيد تأمينها
 إضافة إلى طيبة وبساطة هذه الأمة الزائدة التي جعلتها تدفع أضعاف ما تدفعه ثمن أخطائها عندما استغل الغرب هذه الطيبة واستخدم شعوب المنطقة في طرد الاحتلال العثماني من الأرض العربية وبقيادة ضباط مخابرات غربيين من أمثال لورنس العرب وغيره ليتم تقسيمها فيما بعد باتفاقية سايكس بيكو عام ١٩١٦
 والآن وبعد مائة عام لم تعد هذه الاتفاقية تناسب العصر الحالي فلا بد من سايكس بيكو جديدة لتقسيم المنطقة من جديد تحت مسمى الشرق الأوسط الجديد
 فاستغل حاجة الكثير من شعوب المنطقة إلى لقمة العيش فاستخدم شبابها في تخريب وتدمير ما أنجزته بعض الحكومات الوطنية من خلال نهب خيرات بلادهم وتهريب آثارها وتشويه حاضرها ومستقبلها .
 وعندها شارك الأستاذ علاوي بالحديث قائلا :
 يجب ألا لا ننسى الدور السلبي للكثير من الكتاب والأدباء العرب في نشر الثقافة وبسبب العاطفة الزائدة عند البعض أو الانتهازية الزائدة عند البعض الآخر بحيث تجعلهم يشاركون فيما يسمى بالعامية ( الفزعة )
 والفزعة هي أن تشارك مجموعة من الأشخاص بدافع العاطفة أو الشيمة والنخوة في هوسه أو مشاجرة إلى جانب أحد الأطراف دون معرفة من هو صاحب الحق
 هذا بالإضافة إلى تقديم خدمات كبيرة للعدو وذلك بتحطيم معنويات الأمة ومعنويات شبابها من خلال تهويل قوة العدو العلمية والعسكرية متناسين أن قوة هذا العدو نتيجة ضعف وتشتت هذه الأمة بعد أن قسمها باتفاقية سايكس بيكو إلى دويلات متناحرة فيمابينها واثارة الكثير من النعرات الطائفية بين أبنائها و حتى بين ابناء الدولة الواحدة من خلال الفتاوي المسيسة و الهدامة لبنية المجتمع وتماسكه.
  وعندها شارك امين المكتبة قائلا: ان من احدى مصائب هذه الامة هو الكراهية الزائدة لتلقي العلم من قبل الطلبة وخاصة في المرحلة الثانوية
 فرد عليه ابو قحطان قائلا:لقد ذكرت ان الحاجة المادية هي سبب مصائب هذه الامة لذا نجد الطالب يبحث عن الفروع التي تعطي دخل عال للخريجين كالطب والصيدلة وغيرها بعد ان اختزلت الجهات المعنية بالتعليم ماقبل الجامعي مستقبل الطالب بالمجموع الذي يحصل عليه بأي اسلوب سواء بالدورات الخاصة او بالغش او بشراء ذمم بعض القائمين على العملية الامتحانية واهمال نشاط الطالب في السنوات الانتقالية .وهذا الكلام دفع بأحد الحضور ان يوجه سؤال للاستاذ ابو قحطان عن رأييه بالقاريء في مجتمعنا بشكل عام. فرد عليه ابو قحطان : توجد شريحة لا يستهان بها يكون فيها القاريء إنسانا جاهل لان الانسان الجاهل ليس هو الانسان الذي لا يجيد القراءة والكتابة كما يعتقد البعض وانما هو الانسان الذي لا يفهم ماذا يقرأ او يسمع وخير مثال عن هذه الشريحة هو الاستاذ خلف الذي تجاوز الستين من عمره بعد ان قضى اكثر من خمسة وثلاثين عاما في سلك التعليم بمراحله الثلاثة وذلك عندما التقيت به في خيمة عزاء لاحد الاصدقاء بعد بداية العام الجديد بيومين حيث قام احد المشايخ بشن حملة شعواء على ابناء هذا المجتمع بسبب تقليدهم الاعمى للمجتمعات الاخرى في احتفال رأس السنة مستشهدا بحديث للرسول محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال: ((لتتبعن سنن الذين من قبلكم، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهما: اخرجه ابو سعيد الخدري ))
 وبعد ان غادرنا الخيمة قال لي لقد نسينا ان نسأل الشيخ عن اسم القرية التي لم يستطع اهلها اخراج الضب من جحره حتى استعانوا بأبو سعيد الخدري الذي كان عابر سبيل في تلك اللحظة .
 _________________ انتهت _________________
 بقلم : مرشد سعيد ال
احمد / ابو سالي .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسات جمالية بقلم الاستاذجمال خليل جابر

همسات جماليه بقلم الشاعرجمال خليل جابر

دروب الهوي بقلم الاستاذة همسة بوزيدي