وطني بقلم الاستاذ فتحي سالم الخريشا

* وطني *
علموني حين كنت طفلا على مرقاة النماء ..
وحين كنت صبيا على مقعد الدرس أن الوطن واحة قدت من جنة السماء ..
وحين كبرت أبصرت وطني فإذا هو من قعر جهنم عن سائر أكثر البلاد ..
علموني أن الوطن ملاذي الآمن حين يعز الملاذ ..
فإذا هو لمستند أمني المضطهد اللئيم والجلاد ..
علموني أن الوطن يرعاني لخيرِِ نضير ..
يرعى ثماري الطيبة التي على الأشجار ..
فإذا هو جنون العاصفة على حقلي لكل تهزيعِِ وتحريق ..
وبشراسة الذئب علي لكل استلابِِ وتمزيق ..
علموني أن الوطن إذا ما كبرت الأم التي تحضنني بحنان ..
فلما كبرت كان الوطن علي بشر أشر من شر الشيطان ..
كلما بآيات الجمال سبحت باسمِهِ قابلني بشناعةِ القبحِ وحقدِ اللعنات ..
علموني أن زمام وطني بيد النبلاءِ الأشراف وأول ما كشف الغطاء فإذا هو بيد اللصوص الأوغاد ..
علموني أن الوطن إذ ما عضني الجوع رغيف خبزي الشهي ..
ولما صرت على مائدتِهِ لمْ أجد في طبقي منهُ إلا زعاف السم ..
أخبروني منذ نعومة أظافري إذا ما أبدعت للوطن عطاءا مميزا عبقريا أرفع على سدة التكريم ..
ولكن حين عصارة لبّ العارفِ والعالمِ أعطيتهُ كما الإكليل فوق الهام ..
علق لي الصليب فوق سعرِ النار ورجمني بكل ما لديهِ من حجر ..
فأيّ وطن هذا الذي أبيح لهُ كل دم المهجة وأجنحة الروح وهو علي بكل لعنةِِ وقيدِِ وطغيان ..
أيُّ وطن هذا الذي ينقلبُ علي باليباب ..
ويدرأني لكل تباب .. .

                من ديوان (غربة الانتماء)
          شعر : ا

لمهندس فتحي فايز الخريشا